ترجمة: سماح جعفر
كاسارسا،
سبتمبر 1948
عزيزي فرانكو،
أنت لا تعرف أي راحة وأي سعادة تمنحني رسائلك. لقد
كنت على وشك الرد ألف مرة على تلك الرسالة التي نبهتني فيها إلى مرضك ولكنني لم
أقدر، ليس من الجبن بل من الأنانية. ربما كنت سعيدًا، من يدري، لا أتذكر. الآن
على الأقل يحتمل أن تكون أنت أيضًا في سلام ومليء بالحياة فأستطيع معاملتك كند
وأرد عليك في اللحظات الأكثر جنونًا. أول شيء أود قوله لك هو هذا: أشعر
بصداقتك كما لم يحدث من قبل، وأرغب كثيرًا في رؤيتك ...
لقد وصلت إلى نهاية تلك الفترة من الحياة حيث يحس
المرء بالحكمة لأنه تغلب على الأزمات أو أرضى بعض الاحتياجات الرهيبة (الجنسية) من
فترة المراهقة والشباب الأولى. أشعر أنني يجب أن أحاول ثانية لأمنح نفسي مرة
أخرى أوهامًا ورغبات؛ أنا بالتأكيد فيلون صغير أو رامبو صغير. في مثل هذه
الحالة الذهنية إذا وجدت صديقًا قد أتمكن حتى من الذهاب إلى غواتيمالا أو باريس.
لبضع سنوات الآن دخلت مثليتي إلى وعيي وعاداتي ولم
تعد كشيء آخر داخلي. كان علي أن أتغلب على ما يردعني، على لحظات تهيج
ونزاهة ... لكن أخيرًا، ربما مدمى ومغطى بندوب، استطعت أن أنجو، وحصلت
على الأفضل من العالمين، وبذلك أعني الشبق والصدق.
حاول أن تفهمني بشكل نهائي ودون الكثير من
التحفظات؛ إنها عباءة يجب أن ألتف بها دون أمل في العودة إلى الوراء. هل
تتقبلني؟ جيد. أنا مختلف جدًا عن أصدقاءك في المدرسة والجامعة، ألست كذلك؟
ولكن ربما أقل كثيرًا مما تعتقد ...
عزيزي فرانكو، أشكر القدر على عودتك (بالمناسبة
هل أنت أصلع؟ أحذرك من أنك بدوت لي "أشقرًا") أنا مليء
بالنضارة والتوقع.
عناق حنون،
بيير باولو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاسارسا
31 ديسمبر 1949
عزيزي فرانكو،
سأكتب لك مطولًا في غضون أيام قليلة؛ في هذه
الأثناء كلمتين. لقد فقدت منصبي التدريسي في فريولي بسبب فضيحة تبعها توجيه
اتهام بالفساد الأخلاقي.
لحسن الحظ فقد كتبنا إلى بعضنا البعض هذا الخريف
وبالتالي فإن المسألة لن تسبب لك دهشة كبيرة. الشيء الذي كلفني خسارة مسيرتي
المهنية وهذه الهزة الهائلة في سيرتي الذاتية ليس في حد ذاته أمرًا خطيرًا؛ بل كان
عملًا مدبرًا لأسباب سياسية. الحزب الديمقراطي المسيحي والفاشيون استخدموا
المناسبة [عضوية وجيزة في الحزب الشيوعي] للتخلص مني، فعلوها بسخرية
بغيضة ومهارة. لكنني سوف أخبرك عن هذا في وقت أخر.
اليوم هو اليوم الأخير من السنة؛ لا شيء أمامي، أنا
عاطل عن العمل- تمامًا دون أي أمل في وظيفة؛ والدي في الحالة البدنية
والنفسية التي تعرفها. جوٌ انتحاري. أعمل بشراسة على رواية أبني فيها كل
آمالي حتى تلك العملية منها؛ أعلم أنها آمال جنونية ولكنها تملأني بطريقة ما. أنا
في حالة لا أستطيع فيها بطبيعة الحال أن آتي إلى بارما. من يعرف متى يكون
بإمكاننا ملاقاة بعضنا مرة أخرى، أنا آسف جدًا لأنني ما زلت أحس أنني مولع بك
للغاية.
قبلة،
بيير باولو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روما
فبراير 1950
عزيزي فرانكو،
لقد أخذت وقتًا طويلًا للرد عليك، لذلك فأنا أفعلها
الآن لأنه سيكون من المخزي لو أنني أجلت الرد مرة أخرى. لكنني لا أشعر بأنني
أريد التحدث إليك حول حالتي، لقد سئمت ذلك؛ تحمل الأعباء. أحس بأنك كنت تهول
الفضيحة قليلًا؛ وذلك لأن أهميتها عملية بحتة، وهي أنني تُركت دون وظيفة، دون أمل
في العمل، ومع عائلتي في حالة أنت تعرفها. نعم، المشكلة الأكثر خطورة هي
إيجاد عمل، أي نوع من العمل، كعامل حتى. . . . أما بالنسبة للفضيحة، لقد
هضمتها؛ وعلى كل حال لدي حق في هذه الفضيحة، أليس كذلك؟ في هذا العالم تحدث أشياء
لا تصدق مثل هذه. فكر في الآلية المخيفة التي ربما تتشكل في دماغ تعيس حظ
مثلي: جنس-سجن، حب - إيجاد وجه أمريء للبصق عليه، برقة - نوعية
العار. . . .
وأنتن؟ أنتن يا فتيات، عن أي شخص تحدثتن معي بصراحة
تامة، دون أن تعرفن أن كل كلمة حول الموضوع كانت بالنسبة لي جرحًا مميتًا؟ هل
حللتموها، مشكلة الجنس المعقدة؟ إنها رقم يزيد في متوالية هندسية مع كل وحدة تطرح
منه؛ فقط مع الموت سوف تظهر الأصفار. . . .
No comments:
Post a Comment