ترجمة: سماح جعفر
كان ايمبا أي من كالابار ملكًا قويًا جدًا. فقد حارب وغزا كل البلاد المحيطة، وقتل جميع كبار السن، ولكنه أمسك بالرجال والنساء الأصحاء وعاد بهم كعبيد، وقد عملوا في المزارع حتى ماتوا.
كان للملك مائتي زوجة، ولكن أي منهم لم تلد له ولدًا. رعاياه عرفوا أنه أصبح رجلًا عجوزًا، وتوسلوا منه أن يتزوج أحدى بنات العنكبوت، لأنهم يلدون دومًا الكثير من الأطفال. ولكن عندما رأى الملك ابنة العنكبوت لم تعجبه، لأنها كانت قبيحة، وقال الجميع أن ذلك بسبب أن والدتها قد أنجبت الكثير من الأطفال في نفس الوقت. على كل حال، لإرضاء شعبه فقد تزوج الفتاة القبيحة، ووضعها مع زوجاته الأخريات، ولكن جميعهم اشتكوا من كونها قبيحة جدًا، وقالوا أنه لا يمكن أن تعيش بينهم. لذلك فقد بنى لها الملك منزلًا منفصلًا، حيث كان الطعام والشراب يُحضرُ لها مثل باقي الزوجات. نفر الجميع منها بسبب قبحها؛ ولكنها لم تكن قبيحة حقًا، كانت جميلة، ولكنها ولدت بجلدين، عند ولادتها جعلتها أمها تتعهد أن لا تزيل الجلد القبيح قبل حلول وقت محدد أثناء الليل، وأن تضعه مرة أخرى قبل الفجر. الآن، زوجة الملك الكبرى عرفت هذا الأمر، وخشيت أن يعرف الملك تلك الحقيقة ويقع في غرام ابنة العنكبوت؛ لذا فقد ذهبت إلى رجل الجوجو ووعدته بإعطائه مائتي غصن ليصنع لها جرعة تجعل الملك ينسى أن ابنة العنكبوت كانت زوجته.
هذا هو رجل الجوجو، أخيرًا وافق على فعلها، بعد جدل طويل حول السعر، مقابل ثلاثمائة وخمسون غصنًا؛ وصنع بعض "الدواء"، وقد قامت زوجة الملك الكبرى بخلطه مع طعام الملك. لبضعة أشهر كان لذلك أثر في جعل الملك ينسى ابنة العنكبوت، وحدث أنه مر بجوارها مرات عديدة دون أن يميزها. عندما انقضت أربعة أشهر ولم يرسل الملك ولو مرة واحدة في طلب إدهايا (كان هذا هو اسم ابن العنكبوت)، بدأت تشعر بالتعب، وعادت إلى منزل والديها. والدها، العنكبوت، أخذها إلى رجل جوجو آخر، والذي من خلال السحر وإلقاء التعاويذ، سرعان ما اكتشف أن زوجة الملك الكبرى جعلت الجوجو يسحر الملك لكي لا ينظر إلى إدهايا. وبالتالي قال للعنكبوت أن إدهايا يجب أن تعطى الملك بعضًا من الدواء الذي سوف يحضره، والذي سوف يجعل الملك يتذكرها.
أعد الدواء الذي جعل العنكبوت يدفع مبلغًا كبيرًا من المال؛ وفي ذلك اليوم بالذات أعدت إدهايا طبقًا صغيرًا من الطعام ووضعت فيه الدواء وقدمته للملك. مباشرة كان قد أكل الصحن وفتح عينيه وأبصر زوجته، وأخبرها أن تأتي إليه في تلك الأمسية. لذلك في فترة الظهيرة، بدت مبتهجة جدًا، وذهبت إلى النهر واغتسلت، وعندما عادت ارتدت أجمل أقمشتها وذهبت إلى قصر الملك.
مباشرة كان الظلام وأطفئت جميع الأضواء، فخلعت إدهايا جلدها القبيح، ورأى الملك كم كانت جميلة، وكان مسرورًا جدًا بها؛ ولكن عندما صاح الديك ارتدت إدهايا جلدها القبيح مرة أخرى، وعادت إلى منزلها.
هذا ما فعلته لأربع ليال على التوالي، تخلع دائمًا الجلد قبيح في الظلام، وترحل قبل حلول الضوء في الصباح. بمرور الوقت، وفي مفاجأة كبيرة لجميع الناس، وخاصة لزوجات الملك المائتين، أنجبت ولدًا، ولكن ما فاجأهم أكثر من أي شيء هو أنها ولدت إبنًا واحدًا فقط، في حين أن والدتها كانت دائمًا تنجب الكثير من الأطفال في كل مرة، عادة حوالي خمسين.
زوجة الملك الكبرى أصبحت أكثر حسدًا من أي وقت مضى عندما أنجبت إدهايا ابنًا؛ لذا فقد ذهبت مرة أخرى لرجل الجوجو، وقدمت له هدية كبيرة لحثه على مدها بدواء من شأنه أن يجعل الملك يمرض وينسى إبنه. ومن ثم يجعله الدواء يأتي لرجل الجوجو، والذي سوف يخبره أن ابنه هو من جعله يمرض، لأنه يرغب في أن يسود بدلًا عن أبيه. وسيخبره رجل الجوجو أيضًا أنه لو أراد أن يتحسن فلابد له من أن يلقي ابنه في الماء.
وعندما أخذ الملك الدواء ذهب إلى رجل الجوجو، الذي أخبره بكل شيء كما كان مقررًا مع الزوجة الكبرى. ولكن في البداية لم يرغب الملك في تدمير ابنه. ثم ترجاه كبار الرعايا أن يلقي بابنه بعيدًا، وقالوا أنه ربما خلال سنة يحظى بابن أخر. لذا وافق الملك في النهاية، وألقى بابنه في النهر، وعندها حزنت الأم وبكت بمرارة.
ثم ذهبت الزوجة الكبرى لرجل الجوجو مرة أخرى وأحضرت المزيد من الدواء، والذي جعل الملك ينسي إدهايا لثلاث سنوات، وهي الفترة التي كانت فيها في حداد على ابنها. عندها عادت لوالدها، وقد ذهب وأحضر المزيد من الدواء من رجل الجوجو، والذي أعطته إدهايا للملك. وعرفها الملك وطلب أن تأتي إليه مرة أخرى، وعاشت معه كما في السابق.
الآن، رجل الجوجو الذي ساعد والد إدهايا، العنكبوت، كان جوجو مائي، وقد كان مستعدًا عندما ألقى الملك بابنه في الماء، وأنقذ حياته وعاد به إلى المنزل وأبقاه حيًا. وكبر الابن ليصبح قويًا جدًا.
بعد وقت أنجبت إدهايا ابنة، وهكذا فقد حاولت الزوجة الكبرى إقناعه بإلقائها بعيدًا أيضًا. استغرق الأمر وقتًا أطول لإقناعه، ولكن في النهاية وافق، وألقى بابنته في الماء أيضًا، ونسي ًإدهايا مرة أخرى. ولكن جوجو الماء كان مستعدًا مرة أخرى، وأنقذ الطفلة، وعندها فكر أن الوقت قد حان لمعاقبة عمل الزوجة الغيورة؛ لذا ذهب إلى أوساط الشباب وأقنعهم عقد مباريات مصارعة في السوق كل أسبوع. وقد تم ذلك، ومن ثم أخبر جوجو الماء ابن الملك، والذي أصبح قويًا جدًا، ويشبه أبه جدًا، أن عليه أن يذهب ويصارع، ولا أحد سيستطيع الوقوف أمامه. وتم ترتيب أمر إقامة مصارعة كبرى، ودعي لها كل الرجال الأقوياء في البلاد، ووعد الملك أن يحضر مع زوجته الكبرى.
في يوم المصارعة أخبر جوجو الماء ابن الملك أن عليه أن لا يخاف أبدًا، فإن الجوجو الخاص به قوي جدًا، وبذلك حتى أقوى المصارعين وأفضلهم لن يستطيعوا الوقوف أمامه لبضع دقائق. كل الناس في البلاد قدموا لحضور المباراة الكبيرة، ووعد الملك أن يقدم للفائز هدية من الأقمشة والمال، وأتى كل الرجال الأقوياء. وعندما رأوا ابن الملك، الذي لا يعرفه أحد، ضحكوا وقالوا، "من هو هذا الولد الصغير؟ ليس لديه فرصة أمامنا". لكن عندما بدأ القتال، سريعًا ما عرفوا أنهم ليسوا ندًا له. كان الصبي قوي جدًا في الواقع، مصنوع بشكل جميع وجيد للنظر، وكل الناس كانوا مذهولين كيف أنه يشبه الملك كثيرًا.
بعد المنازلة لجزء كبير من اليوم أعِلن ابن الملك فائزًا، بعد أن طرح أرضًا كل شخص وقف ضده؛ في الحقيقة، بعض خصومه أصيبوا بجروح بالغة، وقد كسرت بعض أذرعهم وضلوعهم بفعل قوة الصبي المهولة. بعد انتهاء المباراة قدم له الملك القماش والمال، ودعاه لتناول الطعام معه في المساء. قبل الصبي بسرور دعوة والده؛ وبعد أن أخذ حمامًا جيدًا في النهر، ارتدى ملابسه وتوجه إلى القصر، حيث وجد كبار شيوخ البلاد وبعض من زوجات الملك المفضلات، ثم جلسوا لتناول الوجبة، وجعل الملك ابنه، الذي لا يعرفه، يجلس إلى جواره. على الجانب الآخر من الصبي تجلس الزوجة الحسودة، والتي كانت السبب في كل المشكلات. طوال وقت العشاء حاولت هذه المرأة جاهدة تكوين صداقة مع الصبي، والذي كانت قد أحبته بسبب مظهره الجميل، قوته، وكونه أفضل مصارع في البلاد. فكرت المرأة، سوف أتخذ هذا الصبي زوجًا لي، بما أن زوجي الآن رجلًا كبير في السن وسيموت عما قريب. " الصبي على كل حال كان من الحكمة كما من هو القوة، بحيث كان يعلم تمامًا كل ما كانت الزوجة الحسودة تخطط، وقد تظاهر أنه طرِبٌ جدًا بتطور الأمور مع الزوجة الكبرى، ولكنه لم يستجب بسهولة جدًا، وعاد إلى المنزل حالما استطاع.
عندما عاد إلى منزل جوجو الماء أخبره بكل ما حدث، وقال جوجو الماء- "بما أنك الآن مقرب من الملك، يجب عليك أن تذهب له في الغد وتطلب منه معروفًا. المعروف الذي ستطلبه هو جمع كل البلاد معًا، لأن قضية معينة يجب الحكم فيها، وعندما تنتهي القضية، الشخص الذي يتبين أنه مذنب يجب أن يقتل بواسطة النمر أمام الناس جميعًا".
لذلك في صباح اليوم التالي ذهب الصبي إلى الملك، والذي وافق بسهولة على طلبه، وبعث دفعة واحدة في جميع أنحاء البلاد لتعيين يوم لكل الشعب لكي يأتي ويسمع القضية للمحاكمة. ثم ذهب الصبي إلى جو جو المياه، الذي أخبره أن يذهب إلى أمه ويقول لها من هو، وأنه عند حلول يوم المحاكمة، يجب عليها خلع بشرتها القبيحة وإظهار جمالها للجميع، لأن الوقت قد حان، وهي لا تحتاج لارتدائه لوقت أطول. وقد فعل الابن ما طُلب منه.
عندما حل يوم المحاكمة، جلست إدهايا في زاوية من الميدان، ولم يعرف أحد الغريبة الجميلة على أنها ابنة العنكبوت. جلس ابنها إلى جانبها، وأحضر أخته معه. حالما رأتها أمها قالت-"لابد أن هذه ابنتي التي نعيت موتها كثيرًا"، واحتضنتها بحنان كبير.
وصل الملك وزوجته الكبرى وجلسا على حجريهما في وسط الميدان، وحياهم الجميع بالتحية المعتادة. ثم خاطب الملك الناس وقال أنه جمعهم لسماع قضية قوية بناء على طلب من الرجل الصغير الذي توج فائزًا في المصارعة، والذي وعد لو أن القضية تحولت ضده فسيقدم حياته للفهد. قال الملك أيضًا، أنه من ناحية الأخرى، لو كانت هذه المحاكمة لصالح الصبي، فإن الطرف الأخر سوف يقتل، حتى لو كان الطرف الآخر هو الملك نفسه أو إحدى زوجاته؛ أيًا من كان هذا الشخص فيجب عليه أن يأخذ مكانه على حجر القتل ويقطع رأسه بواسطة الفهد. وافق جميع الحاضرين على هذا الأمر، وقالوا أنهم يودون أن يسمعوا ما لدي الصبي ليقوله. حينها سار الصبي حول الميدان، وانحنى للملك والشعب، وسأل السؤال، "هل أنا لا أستحق أن أكون إبن أي قائد في البلاد؟" وقال الجميع "نعم!"
ثم أحضر الصبي شقيقته إلى الوسط، ممسكًا بيدها. كانت فتاة جميلة وحسنة الصنع. عندما نظر إليها الجميع قال، "ألا تستحق شقيقتي أن تكون ابنة أي قائد؟" أجاب الجميع بأنها تستحق أن تكون ابنة أي أحد، حتى الملك. ثم نادي والدته، إدهايا، وقدِمت، وهي ترتدي أفضل قماش وخرز لديها، وفرح الناس جميعًا، حيث أنهم لم يروا من قبل امرأة أجمل. حينها سألهم الصبي، "أتستحق هذه المرأة أن تكون زوجة الملك؟" وصرخ الجميع من كل مكان أنها ستكون زوجة مناسبة للملك، ويبدو أنها ستكون أمًا لكثير من الأبناء الوسماء الأصحاء.
وبعد ذلك أشار الصبي إلى المرأة الحسودة التي كانت تجلس إلى جوار الملك، وروى للناس قصته، وكيف أن والدته كان لها جلدين، وكانت ابنة العنكبوت، وكيف أنها تزوجت الملك، وكيف أن الزوجة الكبرى كانت حسودة جدًا وقدمت "جو جو" سيئ للملك، والذي جعله ينسى زوجته؛ وكيف أنها أقنعت الملك برميه وشقيقته في النهر، الأمر الذي، وكما يعلم الجميع، تم القيام به، ولكن جو جو الماء أنقذ كل منهما، ورعاهم.
ثم قال الصبي- " أترك للملك ولكم جميعًا البت في قضيتي. لو أنني مذنب، دعوني أموت فوق الحجر بواسطة النمر؛ وإذا، من الناحية الأخرى، المرأة هي المذنبة، دعوا الفهد يتعامل معها كما قررتم."
عندما علم الملك أن المصارع هو ابنه فرح للغاية، وأخبر الفهد أن يأخذ المرأة الحسودة بعيدًا، ويعاقبها وفقًا لقوانينهم. قرر الفهد أن المرأة كانت ساحرة؛ فأخذها إلى الغابة وقيدها إلى جذع، وأعطاها مائتي جلدة بسوط مصنوع من جلد فرس النهر، ثم أحرقها حية، بحيث لا يعود بإمكانها إثارة مزيد من المشاكل، ورمي رمادها في النهر. احتضن الملك حينها زوجته وابنته، وأخبر جميع الناس أن إدهايا، هي زوجته اللائقة، وسوف تكون ملكة المستقبل.
عندما انتهى الاجتماع، ارتدت إدهايا قماش وخرزًا جميلًا، وحُمِلت مرة أخرى إلى القصر بواسطة خدم الملك.
في تلك الليلة قدم الملك وليمة كبيرة لكل رعاياه، وأخبرهم كم هو سعيد لاسترجاع زوجته الجميلة والتي لم يعرفها بشكل لائق من قبل، كذلك ابنه الذي كان أقوى من كل الرجال، وابنته الجميلة. استمرت الوليمة لمئة وستة وستون يومًا؛ أصدر الملك قانونًا، أنه إذا تم العثور على أية امرأة تحصل على دواء ضد زوجها، يجب أن تقتل دفعة واحدة. ثم بنى الملك ثلاثة مجمعات جديدة، ووضع العديد من العبيد فيهم، الرجال والنساء على حد سواء. مجمع أعطي لزوجته، وآخر لابنه، والثالث أعطي لابنته. وقد عاشوا بسعادة جميعًا لبضع سنوات حتى مات الملك، ثم جاء ابنه إلى العرش وحكم بدلًا عنه.
No comments:
Post a Comment