Thursday, September 9, 2021

حتمية المغادرة؛ رن هانغ

 ترجمة: سماح جعفر





2016.07.18


حين تسوء الأمور، أُحس وكأن شخصًا في المربع السكني المُقابل يتبع رأسي بمنظار تلسكوبي. ربما يطلق عليَّ النار في أي لحظة. كل ما أنظر إليه يبدو كسلاح. تبدو أوراق الأشجار مثل شفرات خارج النافذة؛ تبدو الشوك كالسهام على الطاولة. زجاجة الكوكاكولا كقنبلة يدوية. لا أجرؤ على الأكل ولا الشرب. أجلس على كرسي، ويبدو الكرسي وكأنه يوشك على التحطم، أستلقي على الأريكة، وقد تنهار الأريكة في أية لحظة. أريد أن أغادر، لكن كل رحلة على الدرج مُنحَدَر على جرف، وكل خطوة هوَّة.

وصلت إلى الشارع، بدا كل المارَّة كمزهريات، بجميع الأشكال والأحجام المُحتملة. أود أن اشتري باقة من الزهور، حتى أتمكن من غرس سويقة في كل فاه مفتوح من رؤوسهم، رغم أنني أعلم أن هذا العالم لن يصبح أكثر جمالًا نتيجة لذلك. سأكون أفضل حالًا بالمطرقة. قتل شخص ما سيكون سهلاً مثل تحطيم مزهرية. سهل كالطريقة التي يمكن بها قتل الناس بواسطة دنيوية الحياة نفسها - على الأقل أعرف أنها قادرة على قتلي، إحالتي للاشَكليّ.

في جميع أنحاء الأرض، تبدو الشظايا كأسنان مزيفة تتلألأ متقاطعة مع بقع الضوء في الظلام. موجة تلو موجة من الغثيان تلتف داخلي بينما أُهلوِس بانبِعَاثي الجديد.

كان افتراضي المستمر أن الجميع لديهم تجربة مشابهة أيضًا. 

على سبيل المثال، قبل أن أنام، غالبًا ما أشعر كما لو أن لساني قد تم غسله بالهيليوم. يصبح أخف ببطء، رقيقًا ومنتفخًا، باطِن صدري محشو بالقطن، الذي يتوسع ويصيب كل شبر من جسدي حتى أصير أخيرًا حَشوَة ضخمة من القطن تطفو متوسطة في الهواء. في بعض الأحيان، يطفو الجسد والسرير معًا، وأحيانًا يطفوان بعيدًا عن بعضهما، وفي أحيان أخرى يطفو الجسد فقط، وإذا خفضت رأسك، سترى أغطية السرير المطوية بعناية تبدو مرتبة تمامًا.

في ليالي الأرق يكون جسدي كله مشحونًا بطاقة جَبّارة. هذه الطاقة تتحكم بي، لا تجعلني أفعل شيئًا، لا تجعلني أريد شيئًا. إحدى الطرق التي استخدمها هي وضع ساعتي أعلى أذني، محاولًا مناغمة نبضات قلبي مع دقات عقرب الثواني. من حين لآخر، يوفر هذا القليل من الراحة، وفي أحيان أخرى يجعلني أتنهد من عجزنا أمام مرور الوقت.

أحيانًا يكون الليل صامتًا بقوّة خارقة، وأحيانًا يكون مدوٍّ بشكل صاخب، حين يكون صامتًا ستشعر وكأنك الشخص الوحيد الذي نجا في العالم، وحين يكون الصوت مدوٍّ ستشعر وكأنك الشخص الوحيد الذي مات في العالم. بالخوض في الظلام، تصبح المصابيح حولك ساطعة، ولكن بمجرد عبورك إلى النور، تصبح السماء المحيطة مظلمة. كيف لا يكون لدي شكوك - أن هذا النور ليس صاعقة مُشِعّة ألقيت من السماوات؟

على أي حال: أنت بالتأكيد لم تؤمن أبدًا بالعدالة. لقد ربطت الأثقال عن طيب خاطر بكل جزء من جسدك وقفزت في نهر أو بحر. لطالما شعرت وكأنك منفصل عن هذا العالم بطبقة - أحيانًا برَقِيقَة من الضباب، أحيانًا قطعة من الزجاج، أحيانًا جدار، أحيانًا جبل، أحيانًا ليس طبقة واحدة فقط، بل بعدين أو حتى ثلاثة أبعاد. تبدو الوحدة مثل الانعكاس اليَشْميتي للقمر على بركة. تمضي لتداعبه، لكن كل ما تستطيع أصابعك فعله هو إثارة دوّامة من التموجات.

بعد سؤال العديد من الناس اكتشفت أن أيًا من هذا ليس مألوفًا بالنسبة لهم.

الحياة ليست هكذا، الحياة كذلك: باختصار لن تكون أبدًا كما تريدها. تمامًا كما لو كنت تشتهي أن تدخن، لكن ليس لديك سيجارة، ثم تحصل على سيجارة، لكن ليس لديك ولاعة، ثم تحصل على ولاعة، لكن ليس هناك لهب، وحين تشتعل أخيرًا، لا تشعر بالرغبة في التدخين بعد الآن.

السأم والألم من حالات الوجود المعتادة. السعادة والحظ حالات استثنائية. الهوس يسبب الإعياء والراحة تؤدي إلى الجَزَع. ربما الحتمية هي الطريقة الأفضل والوحيدة للاستمرار.








No comments:

Post a Comment