Sunday, April 11, 2021

دَمَّ؛ عمر تيمول

ترجمة: سماح جعفر








أنتِ جميلة. وأنا غاضب.


جسد من حجارة. جسد من شمس. جسد وحيد. حليب صيف. أنتِ لحمي العاجي. نجمة سوداء. إقليم رغبتي الشهوية. أنت تحبسينني في الجدران تحت قبة الرثاء. غُضُوضَتي المباحة. عشيقتي. تواطئي مع الحواس. قمري المُتَأَمِّر. أميرتي الممسوسة. تَثقِيب عرقي، معبودتي الملتفة بحرير. وأشواك.



عمل نار ودم. شفتاك المتجولة تتمازج وتلّثم جلدي. تجففني. أنا صحراء. اِجلديني. أنا عبد. اجعليني تابعكِ. أنا شيئك. حليُكِ. أثني مؤخرتك. أفتح أسرار بطنك. كثبانك الرُوحِيّة. شعرك حزمة لهب. عيناك إعصار رملي. أشُق لسانك المتورّم وأروي عطشي. إنه بِرْشَانَة مقدسة لفمي الكافر. إنه كَأسُ لفمي الضلالي.



أنا أتجرد من كل واجباتي. إدراكي. أنا عابد في أماكن الشطط. متسول على عتبة خمارتك. أروي عطش هلوستي في ينابيعك. بالأفيون والنبيذ. أشُم عطور أفيونك. أعض فروضك وفُلُوجك المنتشية.


أنا من يرتدي الخرق ويغمُر قدميك بالقبلات. أريد أن أشرب. وأشرب مجددًا. وأشرب. ثم أذوب، وأُمتصُ بخلايا النشوة الصغيرة.


أنا مُحب الحب. من يرتدي الصوف. من يرتدي ثياب الطين والأوساخ.


من يسجد على جسدك. أنا مكان التَبجِيل. مكان الصلاة.


من يتلو صمت عينيك عند أول نور لحجابك. من يجمع ضفائر الدم على ضريحكِ.


وأنتِ كتابي المقدس. قصيدتي.


وأنا شاعر غاضب أتوسل معنى فعلك.


وأنا شاعر غاضب أسرق كلمات.


شاعر غاضب يجمع إيماءات اِمتِثاله. شاعر غاضب يعلن لغة مُبَدَّلة.


كلمات رُقيَة للاحتفال بكِ وخلقكِ. كلمات تتجاوز الكلمات لتحبك.


وأنتِ خصبتي، المُتَبَجِّحة. التي تطهرني من كل وَهَني. تبعد أخطائي واِستيائي. تجمع النشوة والألم.


يتخلّل رحيقك أكثر أحلامي الهادئة. يشبع رحيقك توبتي الليلية.


أنتِ مرح أبطله، احتفال مفسد.


وأنا أتذوق حلقك الأبيض. أتنفس روائحك الحارة، أصبّ حباتك المتورمة من العصارة.


وأنتِ اِختِيَالي. شبقتي. عذرائي الماجنة.


تقطعين البحار الاِنتِقامِيّة، الشوارع النتنة. تقطعين جثتي اللَهُوم ومسراتي المروعة. بينما لا يزال لعابي يلطّخ شفتيك. وبينما تجف خمور المتعة إلى خيوط تٌقطِب جلدك المتصدع.


أنتِ امرأة والظلام الجائع يَسْحَق القبور. أنتِ امرأة والسماء تنضح بنُدَف الحجارة.


أنت امرأة والمحيط يجف إلى الصحراء والأرض تتحلل. أنتِ امرأة والحيوانات ترتعد بعلامات رُؤيَوِيّة.


وأنتِ جميلة. غزالتي البَرَّاقة. الماء الذي يتساقط بين أهدابي. التنهدات التي تُمسد أحلامي إلى قَطِيفَة. الزعفران الذي يبلسمُ ندوبي.


وأنتِ جميلة. رقيقتي. اِنقِيادي. وجهك فجر مشرق. سَدِيم أزرق. عقد من غبار النجوم. عقد من الوعود الأزَلِيّة.


وأنتِ جميلة. كنزي الخفي. تَرَقْرَق الماس. جَدائِل اللؤلؤ. قماش الياقوت. أنا صائغ فضة سحرك. تباطؤك.


وأنتِ جميلة. جزيرة امرأة. امرأة جزيرة. وأنا أبطلت أماكني الآخرى، وأخذت قسم مستوطني جزيرتي. أنا منارة مبنية على سرتك. أنيرُ نشيد وفرتك.


وما زلت أريد لسنوات أن آتي زاحفًا مثل حيوان عبر كفنك. وأرتقه بدمي. واذهب للنوم ممتزجًا بملجئي - بجسدك السلميّ.


وأنا أكحل عيني برماد قمري الأسود. وأنكر الأعمال الدرامية المشوهة الرعناء للزوال. ويستسلم جسدي الخاضع الأعمى لوَساوِس ومَظانّ طائفتك.


وأنا آلة جسدية. طبلة جسدية. دف جسدي.


وأنتِ تمنحينني إيقاعًا في أَخادِيد شفتيك. وتقتلعينني على صليبك.


وأنتِ مرآة.


وأنتِ تثنين هجرة النجوم. وتكللين الشموس في الثلج.


أنتِ مرآة. تمتصين القرمزي من حمرة الشر السامّة.


أنتِ مرآة. وفي أعماق زجاجك، اقتلعت نفسي لكي أكونكِ.


أنتِ مرآة. وأنا أهشمك.


كسورك تقطع عروقي. وبعد فترة طويلة من موتي، سيجمع دمي أنفاسك في ساحات الجنون.


وأنا غبار يدور حول كوّة وَهّاجة.


قلب العالم.


وقد قطعت رؤوس أولئك - المؤمنين والمتشككين - الذين يتمرغون عند قدميك ولكنهم لا يستطيعون استجلاء كيمياء الحب.


وانجرفت في قاربي الهش مع أرواح المجرمين والضعفاء.


أعطي الأعرج ليأكل. أغني للخذي مع المجذوم. وجسدي مأوى للكلب الأجرب. وجسدي درع للمتشرد. جسدي بئر لدموع المرأة المتساقطة.


وفي مسكنهم الذي هو مسكني أُسامر المجانين.


وشفاهنا الدامية ترقص كلمات مستوحاة من آيات كتاب الحب.


وأنتِ جميلة. جنيتي السوداء. جرحي الأسود. وأريد أن أضني الحدقات السوداء التي تنقب الأفعال داخل جلدي. وتنقش حلمًا أبنوسيًا. لأجرد اللحاء من هذا الحلم الأبنوسي.


استخرج جوهرها واكشف كل تجاوزاتك الغريبة.


وأنا أهتف باسمك لأن العدم يبتلعني وأستحضر اسمك عندما ترمي الحرب جثث الأطفال القتلى.


واستعطفُ اسمك حين تمسح دموعي ولم أعد أرغب، ولم أعد أستطيع البكاء.


وأنا في انتظار.


العصارة السوداء التي تجري مثل أعصاب داخل لحمك المستدير. العصارة السوداء التي تحبرُ في شعرك.


وأنا في انتظار.


العصارة السوداء التي تقطُن بشرتك. العصارة السوداء التي تضخم غضبك.


دعيها تقطعني، تسيجني. دعيها تتخلى عني كعليق لجمهور المهرجين الخبيث.


لأنني لا شيء.


وأريد أن أموت.


وأنا أرقب الومضات التي تكنهت بتضحياتي.


أصدقائي، اِشحذوا سيوفكم.


لأنني لا أميز الموت ولا الحياة.


لأن الموت بعثٌ فيكِ. إنه أن أكونكِ.


وأنتِ جميلة. أنتِ الأجمل.


وأنا أسافر متجاوزًا قفزات الزمان.


أنا حبيب كل أمكنتك. حيث كنت وحيث ستكونين.


أنا أبٌ وقد استحضرتك في مخيلتي. أنا أمٌ وقد صممتك. أنا ابتسامتك الأولى ورشفة حليبك الأولى.


أنا ممرات الأرض التي دستها. والسماء التي هجرتها. أنا يداك المفتوحة ساعة الصلاة. ويداك المعقودة ساعة الألم.


أنا البحار المتماوجة التي داعبتها. والاضطرابات المستعرة التي هدأتها.


أنا الحروف التي تنقش اسمك الأول. والكتاب المقدس الذي يحمل سر اقترانك.


أنا الأيدي التي ستأرجح أنفاسك الأخيرة. والأيدي التي ستهدهدك لتنامي داخل ضريحكِ.


وأنا أحبك.


وذرة واحدة من حبك يمكن أن تشبع جوعى. وتجعلني أتألق.


ذرة واحدة من حبك تبتر كل بشاعتي. وتطهّرني من اِنحلالي.


ذرة من حبك وأنسى نفسي.


وأفكر فيكِ وحدكِ.


ذرة واحدة من حبك وأغتبط. أنا المختار.


وأنا أحبك.


وأنتِ في كل الأشياء.


أنتِ الشمس التي تفك قيود الظلام. الشمس التي تلقي توهجها القرمزي عبر تَبَلُّد المحيطات.


أنتِ الدموع التي انفجرت عبر دُرُوز الفجر.


الدموع التي تحتفل باِنشقاقات الغسق. الدموع التي تحصد مواكب الأقمار.


وأنتِ في كل الأشياء.


أنتِ الأرواح المُهاجمة. والوحوش التي تهاجمنا.


والفؤوس التي تحنط أعيننا.


أنتِ حب عابر ونحن نتخلى عن حقدنا المتعذر.


أنتِ آخر ثلوج متبقية ورشقات نار تنخل رماد ليالي.


وأنا أحبك.


وأنا رجل وحيد ساجد في الصحراء.


وأنا أصوم.


وأنا أرجم الأشباح القادمة من أماكن أخرى.


وأنا أصوم.


جسدي المُطَوّق جرح وشق.


جلد فارغ ومسكن لإبهاراتك.


أنتِ.


وأنتِ جميلة.


وأنا أرى الجحيم والنعيم يتحابكان في عينيك الكهرمانية وفي جسدك الرقيق.


ولا أروم الرحمة ولا الإدانة بل حبك.


حبك وحده.


وأنا أحبك.


أنفي قلبي لأتمكن من أن أكون قلبكِ.


أمزقني من نفسي لأعيش فيكِ.


هبي لي الهلاك.









No comments:

Post a Comment