Tuesday, February 7, 2017

النبي المحبوب جبران خليل جبران

ترجمة: سماح جعفر




في واحدة من أولى رسائله إلى هاسكل من باريس، يلتقط جبران ما قد يكون أعظم هدية من الحب، مهما كانت طبيعة ذلك الحب - وهي هدية أن ينظر إليه من قبل الطرف الآخر لما هو عليه حقًا:


عندما أكون تعيسًا عزيزتي ماري، أقرأ رسائلكِ. عندما يغمر الضباب "الأنا" فيَّ، آخذ رسالتين أو ثلاث من الصندوق الصغير وأعيدُ قراءتها. رسائلكِ تذكرني بذاتي الحقيقية. وتجعلني أتغاضى عن كل ما ليس جيدًا وجميلًا في الحياة. كل واحد منا عزيزتي ماري، يجب أن يكون لديه مكانٌ يستريح فيه. ومكان راحة روحي هو بستانٌ جميلٌ حيث تعيش معرفتي لكِ.



في يوم عيد الميلاد في ذلك العام، كتب ما يلي:



أفكر فيكِ اليوم يا صديقتي الحبيبة، كما لا أفكر في شخصٍ حيٍ آخر. وبينما أفكر فيكِ تصبح الحياة أفضل وأكثر جمالًا. أقبلُ يديكِ عزيزتي ماري، وبتقبيل يديكِ أباركُ روحي. 



كتب لها مجددًا:




أتيت من المتحف قبل قليل. أه، كم أتمنى رؤية هذه الأشياء الجميلة معكِ. لا بد لنا من رؤية هذه الأشياء سوية ذات يوم. أحس بوحشة شديدة عندما أقف وحيدًا أمام عملٍ فني. حتى في الجنة، على المرء أن يجد رفيقًا ليستمتع بالأمر كله.

تصبحين على خير عزيزتي. أُقبل يديكِ وعينيكِ.

خليل



طريح الفراش في يونيو بسبب واحدة من نوبات مرضه المتكررة، يكتب إلى هاسكل، التي كانت تقضي الصيف في عزلة في الجبال الغربية:



الآن يا عزيزتي ماري سوف أرتاح. سوف أغمض عيني وأدير وجهي نحو الحائط وأفكر فيكِ، أفكر فيكِ، أفكر فيكِ - أنت يا متسلقة الجبال - أنت يا صائدة الحياة.

تصبحين على خير يالمحبوبة.

خليل



بينما تمضي الأشهر، تصبح رسائله مزيجًا من الحنين الذي لا يهدأ والوحدوية المتينة للعلاقة التي لن تنقطع. كتب لها في أكتوبر من عام 1911م:



رسالتك الأخيرة كانت لهبًا، كرة مجنحة، موجة من جزيرة الموسيقى الغريبة.


أتعلمين ما يعنيه أن تحترق وتحترق، وتعرف أثناء احتراقك أنك تحرر نفسك من كل شيء حولك؟ أه، ليس هناك سعادة أكبر من سعادة النار.

والآن، دعيني أصرخ بكل الأصوات التي فيّ أنني أحبكِ.

خليل




ومجددًا: 


الآن سوف أقول تصبحين على خير، كأي وقت آخر. سوف أقبلُك وأقول تصبحين على خير، ثم أفتح الباب، ثم أخرج إلى الشوراع بقلبٍ مملؤء وروحٍ جائعة. ولكنني سأعود مجددًا لأقبلك ولأقول تصبحين على خير ولأفتح الباب ولأخرج إلى الشارع بروح جائعة وقلبٍ مملؤء.




بعد بضع أشهر كتب لها جبران ليحاول أن يبين لها اِمتنانه للهدية السامية المتمثلة في مقدرتها على تمييزه، وحبه بكليته:



أتمنى لو أن بإمكاني إخبارك يا حبيبتي ماري كم تعني رسائلك لي. إنها تخلق روحًا في روحي. أقرأها كرسائل من الحياة. بطريقة ما لأنها تأتي إليَّ عندما أحتاجها بشدة، ولأنها تجلبُ ذلك العنصر الذي يجعلنا نرغب في أيام أكثر وليالٍ أكثر وحياة أكثر. كلما كان قلبي عارٍ ومرتجفًا، أحتاج إلى شخصٍ يخبرني أن هناك أملًا لكل القلوب العارية والمرتجفة، وأنتِ تفعلين ذلك دائمًا يا ماري.



كتب لماري في صيف عام 1914م:



لديك موهبة التفهم العظيمة يا حبيبتي ماري. أنت واهبة للحياة يا ماري. أنت روحٌ باهرة يا ماري، فأنت لا تصادقين الرجل لتشاركيه حياته فقط، ولكن لتضيفي إليها. معرفتي لكِ هي أعظم شيء في أيامي وليالِ، معجزة من خارج الترتيب الطبيعي للأمور. 

لقد كنت مقتنعًا دائمًا بجنوني كله أن أولئك الذين يفهموننا بشدة يستعبدون شيئًا فينا. لكن الأمر مختلف معكِ. تَفهُمكِ لي هو أكثر حرية مطمئنة خبرتها. في أخر ساعتين من زيارتكِ أخذتي قلبي في يدكِ ووجدت فيه بقعة سوداء. ولكن حالما وجدتِها اختفت تلك البقعة للأبد، وأصبحت طليقًا تمامًا.






No comments:

Post a Comment