Friday, November 15, 2013

الشاعر ألن غينسبرغ والممثل جوني ديب في محادثة امتدت بين الأمة والأجيال ... حوار يونيو 1994م

  ترجمة: سماح جعفر



 
   
جوني ديب: مرحبًا آلن. 

ألن غينسبرغ: مرحبًا جوني. إذن، غادرت نيويورك منذ يومين.

ج.د: نعم، صباح البارحة تحديدًا.

أ.غ: لقد قمت بتدريس ذلك الصف الذي أخبرتك عنه.

ج.د: أردت المجيء لكنني واجهت صعوبات.

أ.غ: حسنًا، ربما كان ذلك أفضل. على الأرجح كنت ستصاب بالارتباك بسبب كل أولئك الطلاب المارين الذين سيميزونك. أتواجه صعوبة في التنقل بحرية؟

ج.د: ليس كثيرًا. فهم متفهمون تمامًا حول أشياء كهذه. أظن أنهم في العموم يدفعهم الفضول فقط.

أ.غ: نعم. حالتي جيدة إلى حد معقول. أنا تقريبًا مشهور، ولكنني لست مشهورًا فعلًا، والناس الذين يميزونني يميلون لأن يكونوا مثقفين. لذا فعادة ما يكون الأمر ممتعًا عند مقابلتهم في الشارع. أحيانًا ربما تجد شخصًا ما لتسافده ! قبل سنوات كان ذلك يحدث معي من آن لأخر.

ج.د: تقابل شخص ما فقط، ومن ثم تبدأن بالتحدث ومن ثم ...؟

أ.غ: أتذكر صبيًا أتى من شارع مارك [مكان في مدينة نيويورك] وسألني لو أن بإمكانه مساعدتي في حمل صندوق الأرغن إلى المنزل. شيء قاد إلى الأخر، و ... عشنا معًا وقمنا برحلة طويلة حول البلاد معًأ. كان هذا في عام 1965م. حاليًا هو رجل أعمال ومتزوج. لكننا لا زلنا على اتصال. أؤدي دور أب لطيف.

ج.د: ذلك اليوم، عندما ذهبت إلى الأستوديو لتصوير ذلك المشهد، كنت آمل أن أجدك هناك.

أ.غ: حسنًا، كنت أعلم أنك ستكون هناك. لذلك ذهبت وشاهدت فيلمك، What's Eating Gilbert Grape؟

ج.د: لم أره بعد.

أ.غ: أنا أيضًا لم أقرأ سيرتي الذاتية حتى الآن. لماذا إذًا لم تشاهد الفيلم؟

ج.د: بالنسبة للممثل، عندما ينتهي عملك ويبدأ عمل المخرج والمحرر، لا يعود الأمر من شأنك.

أ.غ: هذا ما أحسه نحو سيرتي الذاتية.

ج.د: على أية حال، لابد أنه أمر غريب بشكل لا يصدق، أن يكون هناك سيرة ذاتية مكتوبة عنك.
على نطاق أقل من ذلك بكثير، هناك مقالات مكتوبة عني- أغلبها زائف تمامًأ. أعتقد أن الفرق هو، أن سيرتك الذاتية تثقيفية، أما أنا فقد حصلت على سيخ التابلويد.

أ.غ: لذا فالسؤال هو، كيف تتعامل مع الشهرة. ألم نتحدث عن الأمر ذاك اليوم في مطبخي؟

ج.د: نعم، لقد تباحثنا حوله من قبل.

أ.غ: ربما أتعامل مع قدر محدود من الشهرة، بحيث أنها لا تصبح عبئًا، كما هو الحال مع ديلان، الذي لُعن بهأ. ولكن لو أن لديك وجهة نظر بوذية، فهذه الحياة تكون حلمًا كما تكون حقيقية، ثم من خلال تحويل عجلة دراما الشهرة يمكن أن يكون الأمر مفيدًا في إنارة عقول الناس.

ج.د: إنه لأمر غريب، فأنا لا زلت أحس بأني فتى في السابعة عشر من عمره يعمل في محطة بنزين في جنوب فلوريدا، والآخرين هم من وضعوا هذه الوصمة الغريبة عليه. عندما تكون بشكل ما سلعة، منتج، صورة صنعها الناس، ليس لك أي صلة بها، ويكون لديهم القدرة على بيعها وإقحامها في حناجر الناس و ...

أ.غ: حسنًا، دائمًا ما أقول، "لا تنشغل بمقاومة البحر". لا تعطي قوة لذلك. فقط أفعل ما تود فعله فنيًا، أو روحيًا، لأن الشيء الوحيد الذي تستطيع التحكم فيه هو أفعالك وعقلك.

ج.د: أظن أن المهم هو أن تظل متقدمًا إلى الأمام.

أ.غ: نعم. إذًا ما هو الشيء الذي تهتم بالمضي قدمًا نحوه؟ ما هو طموحك الروحي؟

ج.د: لا أعرف كيف أشرح الأمر. أستطيع قول ذلك فقط بطريقة غريبة، المضي قدمًا يبدو وكأنه الأمر الصحيح.

أ.غ: هل تؤمن بالله؟

ج.د: أؤمن بشيء مأ. لا أعرف إن كان اسمه الله. 

أ.غ: هل سبق لك أن مررت بأي تجربة رؤيوية أو دينية؟

ج.د: كان هناك لحظات أحسست فيها بهدوء تام حول كل شيء، في كل الأشياء داخلي.

أ.غ: متى كانت أخر مرة أحسست فيها بهذا الهدوء؟

ج.د: سأقول أنها كانت منذ شهرين.

أ.غ: أتذكر أين كنت ؟

ج.د: نعم. كنت في جنوب فرنسا، في منزل أحد الأصدقاء. كنت أجلس على مقعد في الحقل مع حبيبتي، محاطًا بالأشجار.

أ.غ: هل تذكر ما سمعته في اللحظة التي كنت مسترخيًا فيها؟

ج.د: كان هناك هذا الصمت الجميل، والشيء المريح جدًا كان أننا لسنا بحاجة لأن نقول أي شيء.

أ.غ: أية أصوات أخرى؟

ج.د: نعم، الأوراق. الإحساس بيدها. الإمساك بيدها.

أ.غ: أهناك أي ذكريات حول الرائحة؟

ج.د: هناك الكثير من الزهور.

أ.غ: أفترض أنه لم يكن هناك أي شيء ذو مذاق مميز؟

ج.د: أوه، المذاق الذي أذكره هو القُبل. مذاقها دافئ.

أ.غ: حسنًا، عندما أكتب الشعر، ما أفعله هو أنني أخذ بقعة من الزمن كخاصتك وأحاول تذكر كل العناصر- النظرة، الرائحة، اللمسة، المذاق- وحشدها، لأعرف لو كان بإمكانها صنع صورة تنقل الإحساس في عمل فني إلى الآخرين.

ج.د: إنها قريبة جدًا، جدًا، من تدريبات "تذكر الإحساس" في التمثيل. على سبيل المثال، يمكن لأغنية أن تعيدني إلى الرابعة من عمري، وأنا أجلس في المقعد الخلفي للسيارة، على الطريق، مع والداي.

أ.غ: نعم، لدي عدد من الأغاني التي تعيدني إلى طفولتي. أتعرف، أنا الآن في السادسة والسبعون من عمري، ولكن ترديد الأغاني التي سمعتها عندما كنت في الثامنة عشر أو العشرين من عمري يوقظ بداخلي زلزال حياة كاملة من الذكريات. [يضحك] إنه شعور جميل جدًا، في الواقع. لكنه أيضًا غريب جدًا، لأنه عندما تكبر، تدرك، جيدًا، أنك مقبل على نهاية فترتك، نهاية حياتك، والآن كل شيء يتحدث إليك.

ج.د: هل تعرف القطعة التي كتبها [ويليام] سارويان في مطلع "وقت حياتك"؟ متعلقة بلحظة واحدة. أعتقد أن الكتاب لدي هنأ. أحمله معي دومًا. [يقرأ] "في وقت حياتك، عش - بحيث أنه في ذلك الوقت الجيد، لن يكون هناك قبح، أو موت لنفسك أو لأي حياة لمستها حياتك. التمس الخير في كل مكان، وعندما تعثر عليه، أخرجه من مكانه الخفي واسمح له أن يكون حرًا وبلا خجل".

أ.غ: متى قرأته لأول مرة؟

ج.د: على الأغلب عندما كنت في العشرين من عمري. منذ عشر سنوات مضت.

أ.غ: إذا فهو لديك منذ عقد الآن، أكثر أو أقل.

ج.د: نعم، بطريقة ما.

أ.غ: أتعرف أن المبدأ البوذي الأساسي مشابه لهذا، كأن تغير "كيميائية" كل المواقف وتحول الطوب إلى كنز، أو الخراء إلى ورود. أو أن تتعامل مع طاقة الغضب، الخوف، التوجس، بوصفها أحد جوانب الحكمة. كما تعاملت أنا مع تلميذ أتى من عائلة مضطربة، وهذا جعله متفهمًا جدًا لمشاكل الآخرين ومخاوفهم المرضية. مثلك قليلًأ. أظن أنه قال، أن والده كان مدمنًا على الكحول وكان لديه مشاكل كيميائية. وهو ما كان يشبه تجربتي مع أمي. وفي نهاية المطاف وجدت أن هذه التجربة جعلتني أكثر تسامحًا بكثير إزاء السلوك الوحشي وأكثر هدوءًا في حالات الطوارئ، منذ أن توجب علي ذات مرة رعايتها حتى تصل سيارة الإسعاف القادمة لاصطحابها بعيدًأ. كان لديك بعض التجارب المماثلة مع عائلتك، أليس كذلك؟

ج.د: نعم، خلال نشأتي بالطبع.

أ.غ: إذا معنى هذا، أنك استخرجت الحكمة من موقف بشع.

ج.د: ذلك الوقت، يبدو الوقت الحالي وكأنه وقت صعب جدًا لرؤية الخير في الأشياء.

أ.غ: حسنًا، أن ترى الخير في نفسك ليس أمرًا شاقًأ. لأن إدراك الألم والحرمان، وإدراك العنف في العالم، هو شكل آخر للطيبة، لأنه بتفهمك لهذا الأمر فإنك تنفتح على رسائل العالم الخارجي بدلًا من أن تتهرب منها وتقول: "أريد المزيد والمزيد. أريد أن أمتلك كل شيء. أريد أن أدمر كل شيء. أريد أن آكل كل شيء. أريد أن أكون سيدًا على كل شيء". لكنني أتساءل ما الذي يحدث للعالم الآن. مؤخرًا أرسل لي صديق من الهند رسالة قاسية جدًا يقول:"كيف تجرؤ على قطع فدان من الأشجار فقط لترضي طموحك في أن تكون شاعرًا وتنشر أعمالك. بينما الأرض في أزمة رائعة كهذه، لما يجب أن تكون أنت إضافة لذلك؟" فومض في رأسي شيء قاله غريغوري [كورسو]، "لا يمكن لأخبار جيدة أن تطبع على أخبار سيئة". كان يتحدث عن النيويورك تايمز، لكن أيضًا عن استخدامنا للأوراق. لذا فالسؤال هو، ما الوسيلة المهمة والماهرة للتعامل مع هذه المشكلة، بدلًا عن تجاهلها ورفضها؟ ما زلت محتارًا حول الأمر. لو أن لديك أية أفكار بهذا الخصوص، أعلمني!

ج.د: أذكر أننا تحدثنا حول استعمال القنب.

أ.غ: نعم، كانت هذه أفضل فكرة. أكانت فكرتك؟

ج.د: نعم، لأنهم اعتادوا على صنع كل شيء، الحبال والورق، من القنب. 

أ.غ: هذا سوف يغير شكل الحرب على المخدرات بالتأكيد. [يضحك] حسنًا، هل لنا أن نكمل هذا الحوار في وقت لاحق؟

ج.د: نعم، أود ذلك. في أي وقت، أنا متوفر.

أ.غ: حسنًا، أحبك.

ج.د: نعم، شكرًا يا رجل. أحبك أيضًا.

أ.غ: باي.










No comments:

Post a Comment