Thursday, February 28, 2013

أنت آل كابوني، أنا نينا سيمون؛ أليسون بويل

 ترجمة: سماح جعفر





يناير1997م


الروح الأمريكية لـ "نينا سيمون"


ما يحدد الأسطورة، غالبًا لا يعتمد على ضخامة أعمالها الفنية الكاملة أو طول أسطواناتها، بل يعتمد أكثر على حدة اللهث الذي يحدث عندما ذكر اسمها. بعد مرور أكثر من أربعين عامًا على غنائها وعزفها لأول مرة في أتلانتيك سيتي، في بار "ان جاي"، نينا سيمون هي، كما كانت دومًا، فنانة تستدعي نغمات مهيبة ومشاهد مبجلة.


عبقريتها في تطبيق الفن الراقي للبيانو الكلاسيكي على أشكال شائعة كالبلوز والجاز بإمكانه فقط أن يزدهر في بلد، كما قال عنه والت ويتمان، "يؤلف الأضداد". لكنها لم تستطع احتواء نينا سيمون، التي أصبحت حانقة جدًا على الفشل الاجتماعي الأمريكي وغادرت، وعاشت معظم حياتها خارج البلاد. ردها الناري علي مقتل زعيم الحقوق المدنية مدغار إيفرز وأربعة أطفال سود في برمنغهام بولاية ألاباما، وتغنيها بأغنية "لعنة ميسيسيبي"، أعطى المعنى الحقيقي لما يدفعها: السعي لتحقيق العدالة.


على الرغم من أنها كانت منعزلة، ففي عصر الأقراص المضغوطة، يسهل الحصول على سيمون أكثر من أي وقت مضى. الخريف الماضي، أصدرت "تسجيلات رينو" نينا سيمون: أنطولوجيا: سنوات تسجيلات كولبيكس، مجموعة ثنائية من الأقراص المضغوطة تضم أغانٍ من الثمان ألبومات التي سجلتها سيمون بين عامي 1959 و 1963. وإصدارات أخرى تظهر طوال الوقت. وخطط للقيام بجولة في تواريخ محددة- الأولى لها منذ عام 1993- خلال هذا العام. تحدثنا إلى سيمون مؤخرًا عبر الهاتف في فيلتها التي تقع في جنوب فرنسا، حيث استقرت عقب سنوات من التساؤل. كما وصفت، كانت صريحة بشدة ومليئة بالآراء الصادمة. والذي لم يكن متوقعًا، رغم ذلك، كان دفئها ولطفها. دعتنا لزيارتها في وقت ما


وتذوق بعض توتها المنزلي: مضيفة مثالية.




في عملك [وضعت رقية عليك، 1991] من الواضح أنك كمال حقيقي. إلى أي مدى تقسين على نفسك أثناء التمرينات؟


أنا أطلب الكمال في ما أفعله، أتدرب كثيرًا جدًا قبل أن أقدم حفلًا- في بعض الأحيان من ثلاث إلى ست ساعات خلال اليوم. أنا محددة إزاء مكان جلوس الجمهور- وأيضًا حول حجم الأموال التي يدفعونها- ولكن الأهم من ذلك كله أين يجلسون. إذا كنت أنوي غناء شيء حميم، لمن سوف أغني؟




ابتكارك الكبير كان إدخال الموسيقى الكلاسيكية إلى الأشكال التقليدية كالجاز و البلوز. هل تشعرين الآن أن ما كنت تفعلينه كان شيئًا عميقًا؟


نعم، عندما كنت أدرس، في ذلك الوقت لم يكن هناك أي عازف بيانو أسود في الحفلات. خياري كان بديهيًا، وكان لدي التقنية لفعله. سمع الناس موسيقاي وسمعوا الجانب الكلاسيكي بها، لذلك فقد عُرفتُ كعازفة بيانو كلاسيكي سوداء.




هل تستمعين إلى الموسيقى المعاصرة كثيرًا؟


لا، أنا لا أحبها، ولا أحب موسيقى الراب مطلقًا. لا أظنها موسيقى. إنها مجرد ضربات وترديد، ورغم أنهم يحتجون ضد ما نحتج كلنا ضده- العنصرية في هذه الدولة- [مغنو الراب] خربوا الموسيقى بقدر كبير.




هل تظنين أن رسالة الراب تصل ؟


نعم، ولكنني لا أعرف ما هي تلك الرسالة بعد الآن.




إحدى الحجج تقول بأن تلك الرسالة مدمرة.


حسنًا، أنا اعتقد ذلك أيضًا، وأكثر من ذلك، لا أظن أن بإمكانهم الفوز. ليس بينهم أي قادة، عزيزتي. أظن أن الناس يخبطون رؤوسهم في حائط حجري.




لماذا تعتقدين أن القيادة السوداء تبددت، رغم أن لها هوية بالتأكيد؟


معظم القادة ماتوا.




لكن لم لا ترين جيل جديد من القادة الملهمين؟


لأن ذويهم لم يعلموهم أي شيء عن التاريخ. لو فعلوا، لما كنا بحاجة لحوارنا هذا. كان الناس سيعرفون من هي لورين هنسبيري [كاتبة مسرحية شروق في الشمس؛ عام 1959]، كانوا سيعرفون من هو الدكتور مارتن لوثر كينج. كانوا سيعرفون من هو مالكوم أكس، و كانوا سيحصلون على إلهامهم منهم.




ألا تعتقدين أن أحدًا ما مثل [صانع الأفلام] سبايك لي بإمكانه أن يعلم جيله؟



أعتقد أن بإمكانه،  وأعتقد أنه فعل، وصولًا لنقطة، ولكن يجب أن يأتي أناس بعده.



أتظنين أن التواصل كان ليكون أفضل لو كان نوع الموسيقى الاحتجاجية الذي كان مسموعًا في الستينيات ظل مهمًا حتى الآن؟


نعم، أعتقد أنني لو كنت في أمريكا، الموسيقى الاحتجاجية كانت ستصبح مهمة أكثر. لكنني لن أفعل.




لما لا؟ أتعتقدين أن مهمتك قد انتهت؟


لا، لا، مهمتي لم تنتهي. أوجه أغاني الآن للعالم الثالث. لا أظنك تعرفين، لكن أغنيتي "أن تكون صغيرًا، موهوبًا وأسود" باللغة الصينية. أنا مشهورة جدًا في كل أسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، دون التحدث عن جنوب أفريقيا، التي أحاول الذهاب إليها لرؤية نيلسون مانديلا.




الآن، مانديلا قائد يعرفه الشباب الأمريكي.


لكنه ليس قريبًا كفاية ليلهمهم بشكل مباشر.




هل ترين أي من عناصر "بواكير حركة الحقوق المدنية" ما زالت تعمل في الولايات المتحدة؟


لا، كل ما أراه هو موسيقى الراب.




لقد تنقلت في الأنحاء كثيرًا وعشت في أفريقيا، أوروبا، والكاريبيان. كيف تحسين بأمريكا هذه الأيام؟


لا أحب ذلك، عزيزتي. مع كل التفجيرات المستمرة، والإرهاب، لا أحب ذلك على الإطلاق. الأمر يخيفني. أحب أن أكون في جنوب فرنسا. إنه مكان رائع جدًا ونحن نعمل بجهد كبير على إبقائه هكذا. لدينا حديقة ضخمة تحمل الفواكه للشتاء: الخوخ، العنب، الفراولة، والتوت.




لقد كنت مرتبطة بشكل كبير بالقضايا السياسية. هل لا زلتِ كذلك؟


أنا متمردة حقيقة في ما يخص القضايا.




ما هي قضيتك الآن؟


نفس القضية التي كانت تشغلني دومًا، لها علاقة بالمساواة التامة بين قومي في جميع أنحاء العالم.




هل تظنين أن حالة العلاقات العرقية في أمريكا هي أمر ميئوس منه؟


أظن أنها أمر ميئوس منه بالنسبة لمعظم السود. أظن أن الغني غني جدًا والفقير فقير جدًا. لا أظن أن السود سينهضون أبدًا؛ أظن أن معظمهم سيموتون.




من ماذا؟


من العنف ومن كونهم فقراء ويحاولون النجاة. أعتقد أن الأغنياء أيضًا سيضطرون في نهاية المطاف للمعاناة لأن الحالة الاقتصادية حول العالم لن تتسامح مع بقاء الولايات المتحدة في القمة إلى الأبد.




لذا، تعتقدين أن الجشع هو القوة الدافعة


نعم، الجشع يقود العالم إلى الجنون. وأنا محظوظة لأن لدي مكان هنا أستطيع أن أدعوه منزلي. ليس أمرًا مفاجئًا أن مايكل جاكسون، الرجل الذي أعشقه أكثر من أي شخص آخر في هذا العالم، اختفى من الولايات المتحدة. أتذكر بوضوح رؤية مايكل في طائرة منذ سنوات مضت عندما كان صغيرًا، وقلت له، "لا تدعهم يغيرونك. أنت أسود وجميل". ولكن، بالطبع، كان متأثرًا بأسرته وكل الباقين. ولا أمانع لو قلت ذلك، لكنني أعتقد أن الشخص المسئول عن مأساة مايكل جاكسون هو كوينسي جونز [الذي كان منتجًا مساعدًا في ألبوماته] بإمكانك الاقتباس عني.




كيف تعتبرينه مسئولًا؟


كان كوينسي هو من تزوج فتاة من السويد [أولًا]. ومع كوينسي جاءت كل النساء البيض، لم يعرف مايكل المسكين ما يتوجب عليه فعله. مايكل يحتاج إلى شخص ليحاكيه، وأعتقد أنه فعل كل ما أخبره كوينسي جونز أن يفعل. هذا ما أعتقده.




هل يعلم كوينسي جونز بما تحسين نحوه؟


لا، لا أعتقد أنه يعلم.




حسنًا، هذا صحيح أن الزواج بين الأعراق لا يزال مثيرًا للجدل -


منذ البداية، كانت لا-لا للرجل الأسود عندما يلمس امرأة بيضاء.




هل توافقين على هذا؟


نعم أفعل. أنا لا أؤمن باختلاط الأعراق. يمكنك الاقتباس عني. لا أؤمن به ولم أفعل أبدًا. لم أتغير مطلقًا. لم أغير شكل شعري مطلقًا. لم أغير لوني مطلقًا، كنت دومًا فخورة بنفسي، والمعجبين فخورين بي لأنني بقيت كما كنت دومًا. تزوجت من رجل أبيض ذات مرة، ولكنه كان مخيفًا.




ما المكسب الذي ترينه بإبقاء الأعراق منفصلة؟


بإمكاننا التخلص من العبودية.




تقصدين توحيدًا وقهرًا؟


نعم، ولكن أعتقد أنه قد يكون متأخرًا جدًا. العبودية لم تلغ أبدًا من منهج التفكير الأمريكي.




ألا تعتقدين أن طمس خطوط العرق هو أمر جيد لإلغاء الفصل العنصري؟


إلغاء الفصل العنصري نكتة.




لكن ماذا تظنين حول العملية التجميلية التي أجراها مايكل جاكسون؟


أوه عزيزتي، لقد أصبح مهووس القرن! إنه لأمر مؤسف، لأنني أحبه للغاية. [عندما تكتبين هذا، أيمكنك أن تنوهي إلى أن كامل تعاطفي معه؟] أنا أعشق هذا الفتى لقد بكيت لعدة أيام عندما ظننت أنه لن ينجو.




لقد قمت ذات مرة بتقديم أغنيتك "لعنة ميسيسيبي" بالقول أنها نغمة عرض، لعرض لم يكتب بعد.


وتريدين أن تعرفي ماذا قصدت. حسنًا، سأخبرك. "لعنة ميسيسيبي"، بالنسبة لي، هي نغمة نبوية. أؤمن بأن أمريكا ستموت، تموت كذبابة، كما تقول الأغنية. هذا ما أصدقه، أيتها السيدة.




هل سنقتل أم سننتحر؟


الأمر سيان!




لقد صرت تلقبين مؤخرًا بالمؤدية الغاضبة، كاتبة الأغاني الغاضبة-


دعيني أكمل ما تحاولين قوله. لقد كنت أؤمن في وقت ما أن تغيير مشكلة العرق أمر ممكن. لقد أمنت بأنه أمر ممكن لمارتن لوثر كينج أن يصبح رئيسًا. لكنني لم أعد أصدق ذلك بعد الآن. غضبي كان نارًا وأنا كنت أدفعها طوال الوقت، لكنني لست غاضبة الآن. أنا فلسفية، وأنا سعيدة بما أنا عليه لأنه ليس بإمكاني تغيير العالم. أنا أتقدم في العمر وليس هناك مصلحة لي في الخروج والقيام بالوعظ كما كنت أفعل.




هل سمعت أيًا من أولئك النساء اللواتي جعلوه أمرًا جيدًا أن يكن غاضبات في موسيقى البوب؟


لا، لقد سمعت فتاة تغني، " أنت آل كابوني، أنا نينا سيمون".




أنت تقتبسين من لورين هيل (إحدى عضوات فرقة الفوجيس) [في "جاهز أو لا"]. هل أعجبك أنها استخدمت اسمك؟


نعم، لكنني كنت أتمنى فقط لو أنها غنت إحدى أغاني.




لا أعلم لو بإمكان أحد التغني بأغانيك بعد الآن.


يا إلهي! طفلتي العزيزة، لدي الآلاف منهم.




لقد عنيت ببساطة أنه من وجهة النظر الصوتية، هذه الأغاني تنتمي إليكِ.


ولكن من يهتم؟ ليس هناك عذر للشباب لعدم معرفة من هم الأبطال والبطلات.




هل لديك عشيق في هذه اللحظة؟


لا، ولكن كان لدي علاقة حب محتدمة جدًا من عام 1994 إلى عام 1995. كانت مثل بركان، لذا لا أريد هذا الأمر مجددًا لفترة.




الكثير من الحمم؟


نعم الكثير من الحمم.




ما الذي تبحثين عنه في الرجل؟ ما الذي يجب عليه توفيره لكِ؟


أريد الآن رجلًا غنيًا، يستطيع إهدائي قاربًا- مركبًا شراعيًا. أريد أن أمتلكه وأجعله يدفع ثمنه. حبي الأول هو البحر والماء، وليس الموسيقى. الموسيقى تأتي في المرتبة الثانية.




كم كان عمرك عندما رأيت البحر لأول مرة؟


ثلاثة وعشرون عامًا، أعتقد. حاولت أن أسبح في كل يوم توفر لي، لقد تعلمت الغوص تحت الماء والغطس. اسمعي، متى سوف ننتهي؟ العشاء أصبح جاهزًا، ولدي بعض كريمة البرستول.




لقد أوشكنا على الانتهاء. أهناك شيء أخر تودين قوله؟



أود أن أقول أنني أتطلع حقًا لملاقاة نيلسون مانديلا. ربما يكون هذا حلمًا، لكنني سأراه على كل حال: كان من المفترض أن أتزوج في العام الماضي، واشتريت ثوبًا. عندما أقابل نيلسون مانديلا، ربما أرتدي هذا الثوب وأزيل ذيله، وأقبل الأرض التي يمشي عليها ثم أقبل قدميه.












1 comment: