ترجمة: سماح جعفر
سبتمبر 1962م
عزيزتي بيرل،
يصعب فهم هذه الرسالة. لأنها تحوي أحلامي وطرق تفكيري. ككل، بإمكانكِ تسميتها طريقتي في الحياة. سيكون الأمر محيرًا بعض الشّيء لأنه من الصعب كتابة ما أُحسه بالضبط. بَيْد أني، أريد أن أكتب وأعلمكِ بالأمر. سأبذل قصارى جهدي للكتابة بوضوح وأتمنى أن تبقي عقلكِ منفتحًا خلال قراءة هذه الرسالة أيضًا، وألا تصلي إلى أي استنتاجات حتى تنتهي.
هناك طريقتان لكسب العيش الكريم. أحدهما عبر العمل الجاد، والآخرى عبر الخيال (وهي أيضًا تتطلب العمل بالطبع). إنها حقيقة أن العمل والاِدِّخار ينتجان الجدارَة، لكن الثروة، بمعنى الثروة، هي مكافأة للرجل الذي بإمكانه التفكير في شيء لم يفكر فيه أحد من قبل. في كل صناعة وفي كل مهنة، الأفكار هي ما تبحث عنه أمريكا. لقد جعلت الأفكار أمريكا ما هي عليه، وفكرة واحدة جيدة ستجعل الرجل كما يريد أن يكون.
الكونغ فو جزء من حياتي. يؤثر هذا الفن بشكل كبير في تكوين شخصيتي وأفكاري. أمارس الكونغ فو كثقافة جسدية، شكل من أشكال التدريب العقلي، طريقة للدفاع عن النفس، وأسلوب حياة. الكونغ فو هو أفضل فنون الدفاع عن النفس؛ ومع ذلك، فإن المُشتَقّات الصينية كالجودو والكاراتيه، والتي يرجع أصلها لأساسيات الكونغ فو فقط، تزدهر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وهذا يحدث لأن أحدًا لم يسمع بذاك الفن الأسمى؛ وليس هناك مدربون أكفاء ... أعتقد أن سنوات التدريب الطويلة التي أمضيتها تدعمني لأصبح أول مدرب لهذه الحركة. لا يزال أمامي سنوات طويلة لصقل تقنياتي وشخصيتي. لذلك، فإن هدفي هو إنشاء معهد الكونغ فو الأول الذي سينتشر لاحقًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة (لقد حددت حدًا زمنيًا من 10 إلى 15 عامًا لإكمال المشروع كله). كسب المال ليس السبب الوحيد لقيامي بذلك. الدوافع كثيرة ومن بينها: أود أن أطلع العالم على عظمة هذا الفن الصيني؛ أستمتع بتعليم ومساعدة الناس. أحب أن أملك منزلًا مَيسُورًا لعائلتي؛ أحب إنشاء شيء ما؛ والسبب الأخير والأكثر أهمية هو أن الكونغ فو جزء مني.
أعلم أن فكرتي سَدِيدة، وبالتالي فإن النتائج ستكون مرضية. أنا لست قلقًا حقًا حيال المكافأة، ولكن حيال آلية تحقيقها. ستكون مساهمتي هي مقياس مكافأتي ونجاحي.
سأل البعض الراحل الدكتور تشارلز ب. شتاينميتز، المهندس الالكهربائي العبقري، قبل وفاته في رأيه "ما نوع العلم الذي سيحقق أكبر قدر من التقدم خلال الخمسة وعشرين عامًا القادمة؟" توقف وفكر لعدة دقائق ثم أجاب بابتسامة، "الإدراك الروحي". حين يتوصل الإنسان إلى إدراك جَوهَرِيّ واعٍ لتلك القوى الروحية العظيمة بداخله ويبدأ في استخدام تلك القوى في العلوم وفي الأعمال وفي الحياة، فإن تقدمه في المستقبل سيكون فَرِيدًا.
أشعر أن لدي هذه القوة الخلاقة والروحية العظيمة في داخلي والتي هي أعظم من الإيمان، أعظم من الطموح، أعظم من الرؤية. إنها كل هذه الأمور مجتمعة. يصبح عقلي ممغنطًا بهذه القوة المُهَيمِنة التي تحويها يدي.
حين تلقي حصاة في بركة من الماء، تبدأ الحصاة سلسلة من التموجات التي تتوسع حتى تغطي البركة كلها. هذا بالضبط ما سيحدث حين أقدم لأفكاري خطة عمل محددة. الآن، يمكنني عرض أفكاري حول المستقبل، ويمكنني أن أرى القادم. أحلم (تذكري أن الحالمين العمليّين لا يستسلمون أبدًا). قد لا أملك الآن سوى مكانٍ صغيرٍ في الطابق السفلي، ولكن بمجرد أن يشحذ خيالي بالكامل، يمكنني أن أرى صورة مرسومة على كَنفاس عقلي لمعهد كونغ فو رائع، مكون من خمسة أو ستة طوابق وله فروع في جميع أنحاء الولايات المتحدة. لا أشعر بالإحباط بسهولة، وأتخيل نفسي بيُسر وأنا أتغلب على العقبات، انتصر على الانتكاسات، وأحقق أهدافًا "مستحيلة".
سواء كانت الألوهية أم لا، أشعر بهذه القوة العظيمة، هذه القوة غير المستغلة، هذا الشيء الديناميكي بداخلي. يتحدى هذا الشعور الوصف، و [لا توجد] تَجرِبَة لمقارنة هذا الشعور بها. إنه أقرب لعاطفة قوية ممزوجة بالإيمان، لكنه أقوى بكثير.
إجمالًا، الهدف من عملي وتخطيطي هو إيجاد المعنى الحقيقي للحياة - راحة البال. أعلم أن مجموع كل الحاجات التي ذكرتها لا يعني بالضرورة راحة البال؛ ومع ذلك، يمكن أن يحدث ذلك إذا كرست [طاقتي] لتحقيق الذات الحقيقية بدلًا من القتال العصابي. من أجل تحقيق راحة البال هذه، فإن تعاليم التَجَرُّد في الطاوية والزن يمكن أن تكون مفيدة ...
ربما سيقول الناس إنني مدرك جدًا للنجاح. حسنًا، أنا لست كذلك. كما ترى، تنبع إرادتي من المعرفة التي يمكنني القيام بها. أنا أتصرف بشكل فطريّ فقط، لأنه لا يوجد خوف أو شك في ذهني.
بيرل، يأتي النجاح لأولئك الذين صاروا واعين بالنجاح. لو لم تسعي لشيء ما، فكيف تعتقدين أنكِ ستحصلين عليه؟
مع خالص التحيات،
بروس
* رسالة بعث بها بروس لي إلى صديقته بيرل
No comments:
Post a Comment