Sunday, October 27, 2019

التأثير الراسخُ للمعلم محمود ﯕينْيَا في حُلُم السبعة ألوان

ترجمة: سماح جعفر





كان بيل لاسويل، عازف الباص غيتار، منتج التسجيلات، ومُبتدع "موسيقى التَصَادُم" مفتونًا لسنوات بموسيقى الكَناوة المغربية حين أحضر عازف ساكسفون أسطوري لموسيقى الجاز للعَزَفِ معهم في عام 1994م. يتذكر لاسويل، "فكرت في نفسي، ربما عليَّ أن أحضِر فاروا ساندرز. لفِعل شيء مختلفٍ فقط".

أَوْتت المقامرة ثِمارها. سجل لاسويل ببضع مُعِدات تسجيل متنقلة -في الصويرة، وهي مدينة غربية عند سفح جبال الأطلس- لساندرز ومُعلِم محمود ﯕينْيَا وعائلته، وهو مغنٍ وعازف آلة كَمبري، اِعتُبر "ملك" مُوسيقي الكَناوة حتى وفاته في عام 2015م. لاقى الألبوم المُنتج ، "حُلُم السبعة ألوان"، استِحسانًا عالميًا، حيث وصفه أحد النُاقد بأنه "أحد أهم ألبومات موسيقى الكَناوة التي تم إصدارها في التسعينيات". وقد أصدرت تسجيلات [زهرة] الألمانية الآن نسخة جديدة في الذكرى السنوية الخامسة والعشرين وضمت أول إصدار من الألبوم للفينيل. يقول لاسويل، "أنا ممتنٌ للغاية لأن هؤلاء الرجال يطلقون هذا النوع من الموسيقى. لا أحد غيرهم يفعل ذلك وهو أمرٌ إيجابي جدًا".

لطالما كان لموسيقى طقوس الغَيْبَةٌ المغربية تأثيرٌ كبيرٌ على الموسيقيين الغربيين. عَزَف عازف الروك اللاتيني كارلوس سانتانا مع فرقة كَناوة، بينما اجتمع مؤسس فرقة رولينغ ستونز برايان جونز ورائِد موسيقى الجاز الحُر أورنيت كولمان مع المعلمين الموسيقيين في جهجوكة (منطقة في الريف الشمالي من المغرب). لذا كان جَذَبها للاسويل أمرًا حَتْمِيًا، فهو من ألف "موسيقى التصَادُم" التي تجَمَعُ بين أسلوبين متباينين من الموسيقى لرؤية ما سينتجُ عن ذلك. يقول، "كانت الكَناوة موضِع اهتمامٍ بسبب تكرار النهاية المنخفضة(1). يسمونها بعدة أسماء، ولكن كان لها دائمًا ذلك التأثير البارع: خطوط باص متكررة يعزِفونها لساعات".

الكَناوة مُتَصوِفة، وهُم طائفة روحانية في الإسلام. موسيقاهم للأغراض الروحية، وتستخدم في الطقوس التي تسمح لهم باستدعاء أرواح الأسلاف، مما يمنح الموسيقى - الإيقاعية بشكلٍ مُكَثف - طبيعة تَنْويمِيَّة وتَعْزيمِية (بِالنّتِيجَة "موسيقى الغَيْبَة"). ومع ذلك، لم تعتبر قط موسيقى يجب ابقائها بمأمن من التأثير الخارجي؛ لأنه ليس من المرجح أن يحدث ذلك في المغرب، التي يقع أقصى شمالها على بعد تسعة أميالٍ فقط من إسبانيا (وبالتالي أوروبا الغربية). يشَرحُ لاسويل، "كلها اِتصالاتٌ هجيِنة. فإذا مرَّ شخصٌ ما عبر تلك الجبال من إسبانيا أو إيطاليا، أو من أي مكان، فسيتم اِمتصَاصُه وتَكيِيفهُ ووضَعُه في مُوِسيقاهم".

يجسد ﯕينْيَا حقيقةً هذا الانفتاح. أتت عائلته إلى المغرب من مالي في غرب إفريقيا، وقد أضاف ذاك الإرثُ الموسيقي إلى تقاليد الكَناوة مما أكسب موسيقاه جودة ظلامية، حتى أن بعض موسيقيّ الكَناوة وجدوها مُربكةً. عندما يحكي لاسويل عن أول مرة رأهُ فيها، "كان كل الناس يقولون لا، أنت لا ترغبُ في العبث بذلك. إنه ظلاميٌ للغاية، إنه عملٌ شيطاني. لقد سمِعتُ ذلك كثيرًا".

تواصل لاسويل معه دون هيابٍ ورتب للتوثيق لهُ. كان اختياره لأن ينضَم ساندرز إليهم عفويًا. يقول، "لم أرى فاروا أبدًا كموسيقي لموسيقى الجاز، لقد كان شخصية موسيقية عالمية، وفكرتُ أن صوته والطريقة التي يتعاملُ بها مع الأشياء تتناسب تمامًا مع موسيقى الكَناوة وتَمنحُها بُعدًا آخرًا".

وقد كان. جَلَب ساندرز معه بعض الموسيقى التي تعلمها من قبيلة سيمينول(2) في أركنساس، حيث نشأ. واتضح أن لها نظائرها داخل موسيقى الكَناوة، وهي مجموعة من مُؤلفات الباص المَرقُوم والأغاني. ألّف عملاقُ الجاز مكانه فورًا: بدا ساندرز وﯕينْيَا والموسيقيون الآخرون كما لو كانوا يعزفون بنفس الأُسْلُوب طوال حياتِهم. يقول لاسويل: "لقد كان فاروا فاروا، كان يترجل فقط. كان هناك الكثير من السحر - أشياء لا يمكنك فَكُ مَغَالِقها، عليك فقط التماشِي معها".

وكما برهن الإصدار التذكاري، فقد ترك ألبوم "حُلُم السبعَةِ ألوان" انطباعًا دائمًا في المشهد الموسيقي العالمي. كذلك تركَ انطباعًا دائمًا على لاسويل، فقد سجل لـﯕينْيَا مرة أخرى في عام 2014م لفيلم (لم يصدر بعد) لغاي بولغر. كما سجل مؤخرًا مع شقيق ﯕينْيَا الأصغر، مختار. يقول لاسويل: "تِلك الموسيقى تختفي. يَتِمُ محوها. حقيقة أن تسجيلات [زَهَرة] تُقدم فينيل لهذا النوع من الموسيقى أمرٌ مشجعٌ للغاية. إنها موسيقى عتيقة، ولكن هناك طريقة لوضعها في منظورها الصحيح لأجل الموسيقى المستقبلية أيضًا".




كاتب المقال: مايكل جاي. ويست



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تشير إلى إشارات تردد الباص الأقل من 250 هرتز.

(2) سيمينول هي قبيلة أمريكية أصلية في ولاية فلوريدا. تضم ثلاث قبائل معترف بها فدراليًا ومجموعات مستقلة، ويعيش معظمهم في أوكلاهوما مع أقلية في فلوريدا. نشأت أمة السيمينول من قبائل كريك في مناطق شمال موسكوجي. وكلمة سيمينول هو تحريف لكلمة سيمارون  Cimarron، وهو مصطلح إسباني يعني "الهارب" أو "البري".











No comments:

Post a Comment