Monday, December 5, 2016

ملائكة تشيسلاف ميلوش

ترجمة: سماح جعـفر





أنهار 


"الأنهار، كم هي دائمة!" فكر فقط. منابعها في مكان ما في الجبال تخفق وتتسرب ينابيعًا نابضة من الصخر، تُضمن في التيار، في تيار النهر، والنهر يتدفق عبر القرون، وآلاف السنين. القبائل والأمم تمر، والنهر لا يزال هناك، وبعد فأنه ليس هناك، لأن المياه لا تبقى نفسها، فقط المكان والاسم يبقيان، ككناية عن شكل دائم وموضوع متغير. 


الأنهار نفسها تدفقت في أوروبا عندما لم تكن هنالك أي من الدول الموجودة اليوم ولم تكن أية لغات معروفة لنا الآن منطوقة. إنه في أسماء الأنهار نجت آثار القبائل المفقودة. كانوا يعيشون، على أي حال، منذ فترة طويلة حيث لم يكن أي شيء مؤكد، وقدم العلماء التخمينات التي بدت لغيرهم من العلماء أن لا أساس لها من الصحة. ومن غير المعروف حتى كيف أتت العديد من هذه الأسماء من قبل الغزو الهندو-أوروبي، والذي يقدر حدوثه منذ آلـفي أو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد. 

حضارتنا تسمم مياه النهر، وتَلوُثَها يكتسب معنى عاطفي قوي. وبما أن مجرى النهر هو رمز للوقت، فنحن نميل إلى التفكير في الوقت المسموم. مع ذلك لا تزال المصادر تتدفق، ونؤمن أن الوقت سوف ينقى ذات يوم. 

أنا عابد لتتدفق، وأود أن أعهد بخطاياي إلى المياه، وأدعها تنقلها إلى البحر.



 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عن الملائكة


كل شيء أُخذ بعيدًا عنكم: الفساتين البيضاء،
الأجنحة، وحتى الوجود.
ولكني أصدقكم،
أيها الرسل.

هناك، حيث قُلب العالم على عقبيه،
وطرزت أقمشة ثقيلة بالنجوم والحيوانات،
تنزهتم، باحثين عن المظاهر الجديرة بالثقة.

قصيرة هي إقامتكم هنا:
بين الحين والآخر في الساعة الصباحية، 
وعنـدما تكون السماء صافية،
في اللحن المتكرر بواسطة الطيور،
أو في رائحة التفاح في ختام اليوم
عندما يصنع الضوء البساتين السحرية.

يقولون أن شخصًا ما قد اخترعكم
ولكن بالنسبة لي لا يبدو هذا مقنعًا
لأن البشر اخترعوا أنفسهم كذلك.

الصوت - دون  شك هو برهان صالح،
حيث أنه يمكن أن ينتمي فقط إلى مخلوقات مشعة،
عديمة الوزن ومجنحة (وبعدّ، لمَ لا؟)،
ومحزمة بالبرق.

لقد سمعت هذا الصوت كثيرًا في منامي،
وما هو غريب، أنني فهمت القليل، 
والذي بدا كأمرٍ أو نداءٍ 
بلسان سماوي.

اليوم يرسم قربه
يومًا آخر،
لذا افعل ما باستطاعتك.


 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



أنت


أنت يا من ظلمت رجلًا بسيطًا
وأنفجرت ضاحكًا بسبب الجريمة،
وأبقيت حزمة من الحمقى حولك
لتمزج الخير بالشر، وتطمس الخط.



لو أن الجميع سجدوا قبالتك،
قائلين فضائلًا وحكمًا لتضيء طريقك،
ضاربين ميداليات ذهبية لتكريمك،
سعيدًين بالنجاة ليوم آخر،
فلا تشعر بالأمان. 

لأن الشاعر يتذكر.

يمكنك أن تقتل واحدًا، ولكن آخرًا سيولد.
الكلمات كتبت المأثر والتاريخ.



لقد كان بأمكانك تحقيق ما هو أفضل مع فجر الشتاء،
الحبل، والفرع الذي انحنى أسفل ثقلك.






No comments:

Post a Comment